التوسل بالصالحين في سنة النبي المصطفى


1 - حديث الشفاعة المتواتر والمروي في الصحيحين وغيرهما، من أن الناس يتوسلون بسيد الأنام عند اشتداد الأمر عليهم يوم القيامة، ويستعينون به، ولو كان التوسُّل والاستغاثة من الكفر والشرك لم يشفع النبي صلى الله عليه وسلم للناس يومئذ، ولا يأذن الله له بالشفاعة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأن التوسُّل والاستغاثة كفر في الدنيا ليس كفراً في الآخرة، فإن الكفر كفر، سواء كان في الدنيا أو في الآخرة، قبل موته صلى الله عليه وسلم وبعد موته لا فرق.

 2 - حديث سيدنا عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال: إن رجلا ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، فقال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت وهو خير"، قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ ويحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك، وأتوجَّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجَّه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى، اللهم شفِّعه فيَّ، قال سيدنا عثمان: فعاد وقد أبصر" (رواه الترمذي والنسائي والطبراني والحاكم، وأقرَّه الذهبي والبيهقي بالأسانيد الصحيحة).

 3 - حديث سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد (أم سيدنا علي) رضي الله عنهما قال: "اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي، اغفر لأمي بعد أمي" (رواه الطبراني والحاكم مختصراً وابن حبان وغيرهم، وفي إسناده روح بن صلاح، قال الحاكم ثقة، وضعَّفه بعضهم والحديث صحيح).

 4 - وروى الإمام البخاري في صحيحه: أن سيدنا عمر رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قوله توسُّلاً به: "اللهم إنا كنا نتوسَّل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا"، وفي الحديث إثبات التوسُّل به صلى الله عليه وسلم وبيان جواز التوسُّل بغيره، كالصالحين من آل البيت ومن غيرهم. كما قال الحافظ في فتح الباري (2/497).

5- قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ : اغْفِرْ لأُِمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا بِحَقِّ نَبِيِّك وَالأَْنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي فَإِنَّك أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي ( 9 / 257 - ط القدسي ).

6 - تَوَسُّل آدَمَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلاَئِل النُّبُوَّةِ " وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَال : قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اقْتَرَفَ آدَمُ الْخَطِيئَةَ قَال :يَا رَبِّ أَسْأَلُك بِحَقِّ مُحَمَّدٍ لَمَا غَفَرْتَ لِي فَقَال اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ كَيْفَ عَرَفْتَ مُحَمَّدًا وَلَمْ أَخْلُقْهُ ؟
قَال : يَا رَبِّ إِنَّكَ لَمَّا خَلَقْتنِي رَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ عَلَى قَوَائِمِ الْعَرْشِ مَكْتُوبًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ فَعَلِمْتُ أَنَّك لَمْ تُضِفْ إِلَى اسْمِك إِلاَّ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْك ، فَقَال اللَّهُ تَعَالَى : صَدَقْتَ يَا آدَمُ ، إِنَّهُ لأََحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ ، وَإِذْ سَأَلْتنِي بِحَقِّهِ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ، وَلَوْلاَ مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُك  .أخرجه الحاكم ( 2 / 615 - ط دائرة المعارف العثمانية ) وعنه البيهقي في دلائل النبوة ( 5 / 489 - ط دار الكتب العلمية )

---------------------------------------
■قَال المباركفوري : قَال الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي إِنْجَاحِ الْحَاجَةِ : ذَكَرَ شَيْخُنَا عَابِدٌ السِّنْدِيُّ فِي رِسَالَتِهِ وَالْحَدِيثُ - حَدِيثُ الأَْعْمَى - يَدُل عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّل وَالاِسْتِشْفَاعِ بِذَاتِهِ الْمُكَرَّمِ فِي حَيَاتِهِ ، وَأَمَّا بَعْدَ مَمَاتِهِ فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ . . إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ .
وَقَال الشَّوْكَانِيُّ فِي تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ : وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّل بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الْفَاعِل هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُ الْمُعْطِي الْمَانِعُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ . تحفة الأحوذي 10 / 34 .
---------------------- 

ليست هناك تعليقات