الشيخ أحمد البدوي رضي الله عنه
هو باب النبى صلى الله عليه وسلم وفرع بيت النبوة وسيد أهل الفتوة بحر العلوم والمعارف وشمس الولاية الساطع نورها فى كل عارف. مجلى أنوار الحقيقة المحمدية . وكعبة أسرار الذات المصطفوية . علم الجهادين الأكبر والأصغر ، ومربى أئمة العارفين بمنهاجه الأنور. الوارث المحمدي الأشهر ، مفخرة الأمة المحمدية ، القطب الغوث الفرد الجامع ، العارف بالله تعالى سيدي الإمام أحمد البدوي رضى الله عنه وأرضاه.
نسبه المحمدي الشريف
لقد حقق أعلام المؤرخين كالمقريزى والمرتضى الزبيدى نسبه بأنه مولانا السيد أحمد بن السيد على البدوي بن السيد إبراهيم بن السيد محمد بن السيد أبى بكر بن السيد إسماعيل بن السيد عمر بن السيد على بن السيد عثمان بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد موسى بن السيد يحيى بن السيد عيسى بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد حسن بن السيد جعفر بن السيد على الهادي بن السيد محمد الجواد بن السيد على الرضا بن السيد موسى الكاظم بن السيد جعفر الصادق بن السيد محمد الباقر بن السيد على زين العابدين بن سيدنا الإمام الحسين بن سيدنا الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه وابن سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود سيدنا محمد الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
مولده ونشأته
ولد سيدى أحمد البدوي رضى الله عنه بمدينة فاس بالمغرب الأقصى سنة 596 هـ وبها نشأ فى أحضان أسرته الشريفة فحفظ القرآن الكريم وأخذ فى التفقه أولاً على مذهب الإمام مالك رضى الله عنه وشرع في دراسة العلوم الشرعية على منهج أهل السنة والجماعة على والده سيدي على البدري وشقيقه سيدى حسن الأكبر .
ثم ارتحل بأسرته إلى مكة المكرمة سنة 603 هـ فدخل مكة وهو فى الحادية عشرة سنة 607 هـ فأتم نشأته المباركة فى رحاب البيت الحرام بإجادة حفظ القرآن الكريم بالقراءات السبع واشتغل هناك بالسنة وبالفقه على مذهب الإمام الشافعي رضى الله عنه وتعلم الفروسية فكان أشجع أهل مكة ، واعتراه الزهد منذ نشأته فعرف بأحمد الزاهد. ولبس اللثامين وأقبل على الله تعالى بالعبادة. وتسلك على الشيخ بري من أتباع القطب الرفاعي رضى الله عنه ، ولزم الخلوة بجبل أبى قبيس ولازم الصيام والقيام ولاحت له إشراقات الأنوار وتجليات جده المختار صلوات الله وسلامه عليه ، وجاءه الفتح الرباني. وأخذ يصعد في معاريج الولاية حتى صار نادرة زمانه وفرد أوانه.
صورته الجسدية
وصفه ابنه الروحي العارف بالله تعالى سيدى أحمد حجاب رضى الله عنه - كما رآه – قائلا : كان البدوي بدينا ضخما طويل القامة ، غير بائن ، عظيم الوجه وكبيره ، خفيف العارضين ، كث اللحية من أسفلها ، سهل الخدين ، قمحي اللون يضرب لونه إلى البياض ، أكحل العينين ، أقنى الأنف ، غليظ الساقين ، طويل الذراعين ، ويظهر بوجهه ثلاث حبات من أثر جدرى ، فى خده الأيمن واحدة وفى الأيسر اثنتان ، على أنفه شامتان ، من كل واحدة شامة سوداء ، وندبة بين عينيه من طعنة موسى ، يعلو وجهه الكبير مسحة من الهيبة والجلال ، ولصوته الجهير نبرات حادة حاسمة!
ارتحاله إلى العراق ثم مصر
فى سنة 633 هـ أمِر سيدى أحمد البدوي رضى الله عنه بالرحلة إلى العراق لعدة مقاصد منها زيارة آل البيت والأولياء ولقاء القطبين الجيلاني والرفاعي – رضى الله عنهما ، والقضاء على فتنة فاطمة بنت بري التى كانت تسلب حال المريدين بتعريض جمالها فكان سلب حالها ثم توبتها النصوح على يديه . ثم عاد الإمام البدوي إلى مكة وظل يترقى فى الولاية حتى حصلت له الجمعية على الحق تعالى فاستغرقته إلى الأبد.
وفى سنة 634هـ أمِر سيدي أحمد البدوي رضى الله عنه بالتوجه إلى مصر وقيل له (سر إلى طنطا فإنك تقيم بها وتعطى ، وتربى بها فتيانا يجيئ منهم رجال وأى رجال) فى حياته أمثال عبد العال وعبد الرحمن وعبد المجيد وعبد المحسن وعبد الوهاب الجوهري.. وبعد وفاته أمثال الإمام الشعراني ـ كلهم أصحاب رأس مال روحي . أى أولياء لله!
تأسيس جامعة الدعوة الأحمدية
ودخل أبو الفتيان طندتا سنة 635هـ وأقام فيها أربعين سنة حتى وفاته سنة 675هـ وفيها كان تأسيس (جامعة الدعوة السطوحية الأحمدية) كما تحدث عنها الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود فى كتابه عن السيد البدوي فكانت جامعة للعلم والسلوك الصوفي ، وتخرج منها أئمة الدعاة الأولياء ينشرون أنوارها فى أقطار العالم الإسلامي.
وفى مقر (جامعة السطح) استقبل القطب البدوي علماء الإسلام ومنهم العلامة سيدى عبد العزيز الدرينى وقاضى القضاة شيخ الإسلام ابن دقيق العيد وأذعنوا لولايته وإمامته بعد أن قصدوا اختباره وظهر لهم بعرفانه وتحققه ووصفوه بأنه
(بحر لا يدرك له قرار) !! فتتلمذوا على يديه وصاروا من أتباعه.
مبادئ المدرسة الأحمدية السطوحية
وقد أعلن دستور طريقته الأحمدية بقوله (طريقتنا هذه مبنية على الكتاب والسنة والصدق والصفاء وحسن الوفاء وتحمل الأذى وحفظ العهود). فعلى هذه المبادئ السامية تربى فحول الأولياء كسيدى عبد المتعال الأنصاري وسيدي عبد الوهاب الجوهري وسيدى عبد المجيد وسيدى محمد قمر الدولة وسيدى حسن الصائغ رضى الله عنهم ، وأرسل الأولياء ليحيوا الدين بربوع مصر ويدلون الخلق على الحق كسيدى إسماعيل الإمبابى بالجيزة ، فلا عجب أن أحبه الناس لله وتفرعت من الدوحة الأحمدية طرق فرعية كالشناوية والحلبية والبيومية والمرازقة والشعيبية والمعالفة والكناسية وغيرها ينشرون الأنوار الأحمدية.
مشاركته فى الجهاد ضد التتار والصليبيين
من الحقائق التاريخية الموثقة بالمصادر العلمية المعتمدة أن سيدي أحمد البدوي رضوان الله تعالى عليه قد شارك برجاله فى صد هجوم التتار وكذا فى الحروب الصليبية كما ذكر الدكتور محمد أبو ريان فى كتابه الحركة الصوفية فى الإسلام وكما رصدته رسالة الماجستير عن خلفاء السيد أحمد البدوي ودورهم السياسي والحضاري فى العصر المملوكي للباحث سالم الرفاعي وكما ذكر فى غير ذلك .
كرامات القطب البدوي
• لقد اشتهر سيدى أحمد البدوي بالعديد من الكرامات ومنها ما رواه أمير المؤمنين فى الحديث الشريف الحافظ بن حجر العسقلاني وتلميذه الحافظ السيوطي أن امرأة أسر الفرنج ولدها فلاذت به فأحضره الله تعالى إكراما له فى قيوده على رؤوس الأشهاد.
• وتكررت هذه الكرامة في الحروب الصليبية حتى كانوا يهتفون (الله الله يا بدوي جاب اليسري) أى الأسرى.
• ورؤيته لجده صلى الله عليه وسلم فى اليقظة فى الروضة وسماعه وتلقيه عن حضرته صلى الله عليه وسلم فقد وقف أثناء زيارته له أمام حجرته وأنشد:
يقولون زرتم بما رجعتــم يا أكرم الرســـل ما نقول
فرد عليه صلى الله عليه وسلم بقوله :
قولوا رجعـنا بكل خيــــر واتحد الفرع والأصـــول
• ومن كراماته أنه رضى الله عنه بعد وفاته غسل نفسه بنفسه ، وهى كرامة ثابتة فى مرجع فقهي فقد قال شيخ الإسلام سيدي إبراهيم الباجوري رضى الله عنه فى حاشيته على شرح ابن قاسم في الفقه الشافعي (ولو غسل – أى الميت – نفسه كرامة كفى كما وقع لسيدي أحمد البدوي أمدنا الله من مدده) وتأمل طلب شيخ الإسلام المدد من مدد سيدي أحمد البدويرضى الله عنه ! فليندحر المنكرون لطلب المدد من أولياء الله تعالى!
• ومن كراماته ظهوره ومشاهدته بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى يقظة حسا ومعنى على ما رواه الحافظ السيوطي عن والده أنه قال : (كنت مرة فى أرض تروي بالماء فى أيام النيل ، فخطر بقلبى خاطر : هل كان لسيدي أحمد البدوي لثامان كما يقولون؟ فإذا به مقبل على فرس ، ملثم بلثامين وهو يقول : يا فلان : كما يقولون .. كما يقولون وجعل يبدل القاف جيما على قاعدة العرب)!! وغير ذلك من كرامات فوق الحصر.
مكانة القطب البدوي
صرح الكثيرون من أكابر الأولياء بعظمة مقام القطب البدوي ومكانته فى عالم الولاية ، فهذا شيخ الإسلام سيدي إبراهيم الدسوقيرضى الله عنه يقول : (إن ابن العم السيد أحمد البدوي هو الأسد الكاظم) وكان ينشد :
فضـل الله علينا عــــم كل الجماعة تبع والسيد عم
وكان القطب سيدى إبراهيم المتبولي رضى الله عنه يقول : (وعزة ربي ما رأيت في الأولياء أعظم فتوة من سيدي أحمد البدوي رضى الله عنه ولذلك آخى بينى وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان في الأولياء من هو أكبر فتوة منه لآخى بينى وبينه).
وروى الإمام النبهاني أن الإمام المناوي قال : (أحمد بن على البدوي السيد الشريف إمام الأولياء وأحد أفراد العالم) والأفراد فوق الأقطاب لأنهم الرجال الخارجون عن دائرة القطب فى الولاية.
أحزابه وصلواته
لسيدي أحمد البدوي رضى الله عنه عدة أوراد وصلوات فله حزبه الكبير الشهير وحزبان آخران كبيران والحزب الصغير وصلوات ونثبت هنا – تبركا وتيسيرا للذكر بعض أوراده: حزبه الصغير وهو من الحصون المنيعة ثم الصلاة الشجرية وهى أشهر صلوات سيدى أحمد البدوي رضى الله عنه:
(بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم . ألم ، لووا عما نووا فعموا وصموا عما طووا ، رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل عليهم طيرًا أبابيل ، ترميهم بحجارة من سجيل ، فجعلهم كعصف مأكول ، اللهم اكفنيهم بما شئت ، اللهم اكفنيهم بما شئت ، اللهم اكفنيهم بما شئت ، اللهم إنى أعوذ بك من شرورهم وأدرأ بك فى نحورهم ، بك أحاول وبك أقاتل وبك أصول ، الله واقية كواقية الوليد. بكهيعص كفيت بحمعسق حميت ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليما كثيراً والحمد لله رب العالمين)
(اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد شجرة الأصل النورانية ولمعة القبضة الرحمانية وأفضل الخليقة الإنسانية وأشرف الصورة الجسمانية ومعدن الأسرار الربانية وخزائن العلوم الاصطفائية صاحب القبضة الأصلية والبهجة السنية والرتبة العلية من اندرجت النبيون تحت لوائه فهم منه وإليه وصل وسلم بارك عليه وعلى آله وصحبه عدد ما خلقت ورزقت وأمت وأحييت إلى يوم تبعث من أفنيت وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين)
خادم الأعتاب الأحمدية
المدد العلوي فى سيرة السيد أحمد البدوي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يقول مؤلف كتاب المدد العلوي فى سيرة السيد أحمد البدوي :
العارف بالله الشيخ جوده ابو اليزيد
شيخى الأكبر ذى الفضل الذى لا يضاهى شأوه فى الأكبرية
من أفاد الدين والدنيـا ومـن فاز بالقرب من الذات العليـة
القطب النبوى أبى البـــــركات والفيوضــات الســــيد أحمـــد البـــــدوى
ذكره ينعش القلوب و يحيى كل ~~~ روح ويطرب السامعينا
كم له من عجيبة تذهل اللــب ~~~ وكم من غريبة تأتينـا
لمَ لُقِّب بالسيد ؟
لقب بالسيد لشرف نسبه ، وسمو حسبه ، وعظيم مكانته وجليل مقامه ومنزلته ، واتصاله بحضرة الرسول ، و بذا يفتخر فيقول :-
قَدْ عَلا مَجْدِى وعَزَّتْ رُتَبِى ~~~ بانْتِسَابِـى للنَّبـىِّ العَرَبِـى
فَهْوَ جَـدِّى وإلَيـهِ نَسَبِـى ~~~ يَنْتَهى فَانْظُرْ لِذاكَ النَّسَـبِ
وَسَقَانِى خَالِقِى مِن شَرْبَـةٍ ~~~ سَلَكَتْ بِى لِطَريـقِ الأدَبِ
فهو من أشهر العائلات وأشهرها ، و أجلها قدراً و أظهرها .
ألقـــــابه و كـــــناه
ولقب ﺑــ " شيخ العرب" لفضله وكبير جوده وكرمه ،
و ﺑـــ " البدوى " لما لزمه من ملبس وزى .
وكان يكنى ﺑــــ " أبى الفتيان " لعطفه على الصغير والكبير من بنى الإنسان ،فضلاً عما كان عليه من قوة الجنان وحسن البيان وطلاقة اللسان .
وكنى أيضاً ﺑــــ " أبى فراج " لما شهر من أن الله – تعالى – يفرج الكرب عمن اشتد الكرب به لمن توسل إليه بمكانة السيد لديه وقربه
.
كم له فى الورى مناقب فضل ~~~ مـا سمعنـا بمثلهـا لولـىّ
كم شهدنا له كرامـات حـق ~~~ هى أجلى من كل نور جلـىّ
مولـــــــــده رضى الله تعالى وارضاه
وُلِــدَ بمدينة فاس بالمغرب سنة ست وخمسمائة وتسعين للتاريخ الهجرى حيث كانت أسرته من عقب فتنة الحجاج بن يوسف الثقفى وما كان من تشتيته واضطهاده لكل شريف علوى لأن جده الشريف محمد الجواد بن حسن العسكرى ، وانتقل إليها مع جمع من بنى عمه ، ومن يَعَزُّ عليه من قومه . ثم رجع السيد إلى مكة وهو طفل صغير مع والده و إخوته ومن معهم من أفراد أسرته وذلك سنة ثلاث وستمائة .
طاب بالغرب مولداً شرف الغرب ~~~ وفاضـت فـى حبـه الأشـذاءُ
وإلـى مكـة آتاهـا صغـيـراً ~~~ تتبـاهـى بسـيـره الأرجــاءُ
واستنارت به المنازل والخيـف وسـفـح الـلـواء ~~~ والـدهـاء
تربيتـــــه رضى الله تعالى وارضاه
رُبِّىَ رضوان الله عنه تربية دينية ، ونشأه أخوه الحسن على أخلاق جليلة علية ، واهتم أعظم اهتمام بأمره ، فحفظ الأستاذ القرآن الكريم فى صغره ، وتلقى العلوم العربية ، ونبغ نبوغاً ملحوظاً فى العلوم الدينية ، وتفقه على مذهب الإمام الشافعى وألف كتاباً قيماً فيه يدل على تمكنه منه ، وقد عُثِرَ بمكتبة المسجد و المعهد الأحمدى الدينى على كتاب مَعْزُوّ إليه فى فقه الشافعى.
فهو بحر والبحر نقطـة فضـل ~~~ من نبـى سـادت بـه الأنبيـاء
وهو باب لحضرة المصطفى من ~~~ هو مـن فضلـه عليـه الثنـاء
اختلاؤه وتعبده رضى الله تعالى وارضاه
ما تمت حياته الأولى عملياً ، حتى حُبِّبَ إليه التعبد مختلياً ، فانتحى عن الناس جانباً ،
واتخذ من جبل أبى قبيس معبداً ، وجعل يقضى أكثر أوقاته فيه منفرداً ، محتقراً ما فى الوجود من رغبات وشهوات ، وعاش دون أن يتزوج إلى أن مات ، وقد فُتِح عليه فتح إلهى ، وظهر عليه أثر الوجد الربانى .
وفيه بباب الحـق نـال حقائقـاً ~~~ بها سرت الأسرار من عالم السر
وفى المشهد القدسى الرفيع مقامه ~~~ حوى رفعة الذات المشرفة القدر
و لتلك المشاهد الروحانية و التجليات الإلهية شدة فى إبانها وأوائل فيضها ، وربما لا تقوى النفس على حملها ثم لا تلبث أن تقر وتصير ملكة ثابتة , وحالة تشبه الحالة البحتة , وذلك ما حصل لسيدى أحمد البدوى فى أيام الفتح الإلهى . فلم يلبث أن قر ؛ و إن كان فى نفسه كبيراً و عظيماً قبل أن يستقر و بعد أن استقر .
والفتوحات التى خص بهـا ~~~ من لدن مولاه وهاب العطيه
يا لها من منـح ذات سنـا ~~~ أعربت عنه المقامات السنيه
اشتد عليه الوجد وهام مرتقياً إلى أسمى مقام وقد أخذته الحال فترنم بما هو عليه
شربت بكأس الأنس فى خير حضرة ~~~ فيا طيبهـا مـن حضـرة صمديَّـةِ
وتوَّجنى ربـى بتـاج مـن البهـا ومن ~~~ حلل التشريف ألبست خلعتـى
ومن فوقها طـرز الوفـاء بنـوره ~~~ مكللـة مـن فيـض رب البـريـة
رده على من رموه بالخبل
وقد رماه بعض أهل الزيغ و الفتون بشدة الخبل والجنون وبمكاشفته لأقوالهم و ما رموه من إفكهم رد بقوله علهم وعلى مفترياتهم :
لَقَدْ وَصَفُونِى بالجُنُونِ جَمَاعـةٌ ~~~ فَقُلتُ لَهُم بَيتاً لِسَامِعِـه يَحْلُـو
مَجَانِيـنُ إِلا أنَّ سِـرَّ جُنُونِهـمْ ~~~ عَجِيبٌ عَلى أعْتَابِهم يَسْجُدُ العَقْلُ
رحلته و تـنقلاته رضي الله تعالى عنه وأرضاه
رأى رضوان الله عليه أثناء نومه أو غفوته ما يحمله على تنقله وسياحته فشرع فى ذلك وطاف بكثير من البلدان و الأقطار الإسلامية والممالك وكان لزيارة الأولياء الربانيين و الأقطاب والسادة المقربين وكبار و أجلاء الصالحين جزء عظيم من سياحته وكانت " مصر " مهبط وخاتمة رحلته وذلك فى رمضان سنة 634.
حتى إذا من الإلـه بـه علـى ~~~ هذى الديـار تكرمـاً وتعطفـا
أضحى كبدر تَمَّ فى غسق الدجى ~~~ بين الكواكب مشرقاً مستشرفـا
استقراره رضي الله تعالى عنه وأرضاه بطنطا
ثم استقر بطنطا استقراره المكين فى شهر ربيع الأول سنة 637 من الهجرة
إلى طنتدا قد جاء من خير بقعـة ~~~ فربَّى بها أقطاب غيث ورحمـةِ
وأضحت وثوب العز تبدى تفاخراً ~~~ على سائر البلدان فى حسن بهجةِ
وقد شرفت قدراً ومجداً و رفعـة ~~~ بإمداد قطـب الله كنـز العنايـةِ
حالـــه رضي الله تعالى عنه وأرضاه بطنطا
جاء إلى طنطا بحال عادية متزيياً بأزياء الأمة العربية ونزل على بعض أهلها و لازم الإقامة فوق
السطح بها منصرفاً إلى ربه والاتصال بقربه شاخصاً ببصره إلى السماء سابحاً بروحه فى العالم الأعلى واضعا الدنيا تحت قدميه متخلياً عن هذا الكون و ما فيه .
وله كراماتٌ أضاءت بهجـة ~~~ منها يَكِلُّ الفكر فـى كلماتـه
أنَّى تحيط بها مقالـة مـادحل ~~~ و صاغ زهر الأفق فى أبياته
و هو الذى صام النهار عبادة ~~~ كمثال ما أحيى الدجى بصلاته
و له مع الرحمن حال صادق ~~~ حسبت به الأيام فى حالاتـه
لم يلبث أن نم عليه حاله كما ينم النور على البدور أو شذا النشر على جيد العطر فهرع إليه الناس من كل جانب وذهب ذكره فى المشارق والمغارب وكثر أتباعه ومريدوه و هدى الله كثيراً من عباده للحضرة الربانية والمقامات القدسية .
وقد رفع الإله لـه مقامـاً ~~~ به خفض الزمان له جِناحا
أطل ما شئت فيه ثنا وقولاً ~~~ ولا تخش الملامَ فلا جُناحا
آثــــاره رضي الله تعالى عنه وأرضاه فى الأمـــة
قام عليه الرضوان بالتربية الروحية وتطهير النفوس من شوائب نقصها المزرية ورفعها من حضيض الحيوانية إلى أوج الصفات الملكية وأوصل الكثيرين إلى الكمال الإنسانى إلى حضرة الإله العلى .
من بحره أهل الصفا شربوا و ~~~ كــلُّ الأوليـاء بفضلـه تتـزود
قطب الوجود أبو الوفود ومن له ~~~ تلك الكرامات التـى لا تجحـد
كان يأتيه الرجل البسيط القروى فلا ينقلب إلى أهله إلا وقد امتلأ بالحب الربانى والكمال النفسانى
والسمو العلوى كما كان جــده سيد الأنام عليه الصلاة والسلام حيث كان العربى الأمى يجلس بين يدى النبى فلا ينصرف من مجلسه إلا وهو من أفقه و أحسن الناس معرفة وحالاً و أشدهم بالملأ الأعلى اتصالاً وإن قل ما سمعه أو تلقاه فى مجلسه هذا من رسول الله
وعلى هذا كان الســـــيد البدوى فلا يعلم أحد إلا الله قدر من انتفعوا على يديه من هذه الوجهة
مباشرة أم بالواسطة.
لهذا صار للأقطاب قطبا ~~~ سموا بشذا محامده افتتاحا
فلو أن العلا سامته قدرا ~~~ لخلنا جِدَّ غايتـه مزاحـا
أخـــلاقه وعـــاداته
كان كثير الصيام ، قليل الكلم إلا فى نفع الأنام ، وكان صحوه ويقظته أكثر ما يكون من غـيـبـته ، وكان له إمـــامان به فى كل الأوقـــات يصليان ، وكان يقوم الليل ولا يفتر عن متابعة قراءة القرآن .
أوتى الفضل مثل ما أوتى الحكمة ~~~ فى نطقه وحسن الخطـاب
منهل لا تزال ظمـأى الأمانـــــى ~~~ من جداه تروى بخير شـراب
كان جم العلم غزير المادة عالى الكعب واسع الاطلاع بحراً لا قرار له اعترض عليه عدد من العلماء فأدهــشهم بكشفه و اطلاعه واختبره جماعة من الأجلاء فأذهلهم بعلمه وقوة إقناعه . تحداه ابن دقيق العيد الشهير فذل بين يدى السيد وخضع وذهب لامتحانه الشيخ عبد العزيز الدرينى الكبير والعلامة الجليل القدير فبفضله اقتنع و إلى التسليم و الانقياد أسرع وفى رحاب السيد قبع وقال مفتخراً بهذا فأبدع :
يقولون يا عبد العزيـز بـن أحمـد ~~~ بمن فى طريق القوم ما عشت تقتدى
فقلت بأستـاذى و شيـخ مشايخـى ~~~ وشيخ طريقـى و الحقيقـة أحمـدِ
و تنقصه وخاض فى حقه الشيخ ابن اللبان فكان ما كان من سلبه الإيمان ولولا الاستغاثة بمولانا السيد ياقوت العرشى وتوسله بكل ولى واستتابته و أخذ التعهد بعدم العودة عليه لما رد الإيمان عليه .
هو البحر ذو الإمداد والفيض والندى ~~~ عظيم الجدا مبـداه عيـن الشريعـةِ
هو الجوهر المكنون فى معدن الرضا ~~~ بأسـراره جلـت شمـوس الحقيقـةِ
ما سمع أحاديثه أَحَدٌ ، و لو كان كأُحُدٍ إلا جُذِبَ قلبه و أُسِر لبه ، نجتزئ من بلاغته وحسن براعته
و فصاحته ما بصلاته الجليلة المشهورة وصيغته المتداولة المأثورة والتى يصف فيها حضرة النبى ويصلى عليه بها فيقول :
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ الْأَصْلِ النُّورَانِيَّةِ وَلَمْعَةِ الْقَبْضَةِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَأَفْضَلِ الْخَلِيقَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَأَشْرَفِ الصُّوَرِ الْجِسْمَانِيَّةِ وَمَعْدِنِ الْأَسِرَارِ الرَّبَّانِيَّةِ وَخَزَائِنِ الْعُلُومِ الْإِصْطِفَائِيَّةِ،صَاحِبِ الْقَبْضَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْبَهْجَةِ السَّنِيَّةِ وَالرُّتْبَةِ الْعَلِيَّةِ مَنِ انْدَرَجَتِ النَّبِيُّونَ تَحْتَ لِوائِهِ فَهُمْ مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ عَدَدَ مَاخَلَقْتَ وَرَزَقْتَ وَأَمَتَّ وَأَحْيَيَتَ إِلَى يَوْمِ تَبْعَثُ مَنْ أَفْنَيْتَ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيراً وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
كلم كأن الشهد من ألفاظهـا ~~~ جار و أن الطيب منها سائر
وكان أنفاس المسيح نسيمها ~~~ إذ من شذاه لكل ميت ناشر
ومن نزوله وتبسطه فى أقواله واضحة جليه منها قوله :-
" طريقتنا مبنية على الكتاب والسنة السنية ، وعلى الصدق والصفاءوحسن الوفاء والولاء ، والإخلاص لله ذى الآلاء ، و بذل الندى وحمل الأذى ، وحفظ العهود والوفاء بالوعود
حكم تنجلي بآيـات فضـل ~~~ تتسامى بخير نصـح متيـن
هكذا هكـذا الرشـاد و إلا ~~~ فالمعالي بغير حصن حصين
وفــاة السيد رضي الله تعالى عنه وأرضاه وتاريخ ذلك
حتى آتاه اليقين وقد بلغ سنه التاسة والسبعين وكانت وفاته فى ثانى عشر من ربيع الأول سنة
ستمائة وخمسة وسبعين .
ومن العجائب أن بحراً ضمه ~~~ لحد وغيَّب ذاته فـى ذاتـه
لكنه إن غاب فيـه صـورة ~~~ هو حاضر معنا مدى ساعاته
ذاع أمـر السـيـد وشــاع ~~~ فى جميع الأقطار و سائر البقاع
فإذا أردنا حصر كل صفاته ~~~ ضاقت دفاترنا وكل المُنْشِدُ
ونهاية الأقوال رتبته علت ~~~ تحت النبوة لم يصلها عابدُ
مواسمه و احــتفالاته رضي الله تعالى عنه وارضاه
إن أول مواسمه ما يرى من عظمة الاحتفال بمولده وأصل هذا المولد أن السادة الصوفية جاءوا إلى طنطا عقب وفاة السيد للتعزية ومواساة خليفته ومن معه من مريديه وجماعته و شيعته ولما أخذوا فى انصرافهم خرج السيد عبد العال خليفته ومن معه إلى خارج البلدة لتوديعهم فوعدوه برجوعهم إليه فى كل عام للتمتع بالزيارة والتعبد أياماً بجوار الضريح والمقام ومن تلك السنة صارت عادة الموالد المستحسنة
و قد سعت أولياء الله فى مـلأ ~~~ من الرجال ذوى الأنفاس والهمم
كم من تقىٍّ وكم قطب آتاه وكـم ~~~ من عارف جاءه يسعى على قدم
كيما يفوز بأسـرار يسـر بهـا ~~~ من فيض إفضاله مع وافر النعم
تضاعف عدد قاصديه كل عام و كثر وذاع أمر هذا المولد بعد ذلك واشتهر واهتم بميعاده من تتابع عرف
من رجال الصوفية فى إحيائه الاحتفال ممن انتسب إلى طريق السيد المعروفة بالأحمدية و انضم إلى ذلك الكثيرين من أعيان الأمة المصرية واشتركت إلى عهد قريب فيه الهيئات الحكومية لأن من ذاق .
به تجمع الأضداد جمـع أحِبَّـةٍ ~~~ و رابطة حتى يكـون التفـرقُ
و أعجب شئ أن من كان عاصياً ~~~ بمولده يرجـو التُقَـى ويُوفـقُ
المولد الـرجبى
ومن المواسم الشهيرة للسيد البدوى مولد النفحات والكرامات المعروف بالمولد الرجبى وأصله أن
الشيخ رجب الرجباوى المحلاوى أحد رجال و أتباع الطريق الأحمدى حضر إلى طنطا فى شتاء سنة 1232 و أقام بالمسجد أسبوعا بمن معه من أتباع و مريدين ثم رأى أن يُغَــيِّر و يجدد تلك العمامة التى فوق تابوت قبر السيد وجعل ذلك عادة سنوية وبهذا تضاعف العدد بتوالى الأعوام وسمى ذلك بالرجبية .وفى هذا الموسم و المولد العظيم تتوالى الرحمات وتجاب الدعوات وتكثر البركات لقصره على العبادات وبذل الصدقات واغتنام النفحات .
له انقادت الزوار من كل وجهةومنه جميع الناس ترجو نوالها
لنا قد بدت فيه خـوارق عـادةفمن تلك عجزى أن أعد كمالها
لذلك أقف ...... و بعجزى وقصورى وتقصيرى أعترف ؛
قائلاً حسبى ... نعم .. حسبى .... حسبى حسبى
فلست أفى ببعض صفاته لو أن لى عدد الورى أفواهـا
كم من لائم لامنى على ما يكون فى موالد السيد منى وكم من معترض على شدة حبى و معتقدى و وقوفى بباب شيخى وسيدى و سندى .
أيها المعترض و اللائم :-
لا تلمنى على الوقـوف ببـابتتمنى الأمـلاك فيـه وقوفـى
فهو باب مجرب ذو خـواصكـان منهـا إغاثـة الملهـوف
من يروم الفتـوح ممـا سـواهطرقت بابـه أكـف الحتـوف
أنـا منـه حيّـاً وميتـاً بـدنـياى و أخراى لست بالمصروف
فليلمنى من شـاء إنـى مـوالرافـل مـن ولائـه بشفـوف
فهو شيخى وقدوتـى ومـلاذىو أنا الخادم الضعيف المنوفـى
فاللهم إياك أسأل وبخير و أفضل أنبيائك إليك أتوسل أن تنفعنا بسره و سيرته وتوفقنا لدوام التمسك بمحبته و أن تعفو عن زلاتنا و تتجاوز عن هفواتنا و أن تنظر بعين عنايتك إلينا و آلنا و إخواننا ومحبينا ومن تبعنا .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
تم بحمد الله تعالى نقل نص كتاب المدد العلوى فى سيرة السيد أحمد البدوى _ رضى الله تعالى عنه وارضاه _ عسى أن ينفع الله تعالى البلاد والعباد ببركة صاحب السيرة العطره سيدنا السيد باب النبي المصطفى من لأمته محب ولأخوانه مشتاق فالسيد باب الحب . فمن لا يحب حضرته لا يعرف كنه الحب ولا معناه فأنى له ان يحب دار وديار الحب ( مولانا وشيخنا سيدنا السيد ) من جعله الله تعالى سببا للخير ممدود وللهدى مورود بمدد سيد الوجود سيدنا محمد المختار اصل كل هدى وخير اللهم صلى وسلم وبارك عليه وآله واصحابه وعلى سيدنا السيد ورجاله و اكرم مشايخنا والصالحين اجمعين وامدنا بمددهم واجعلنا فى بركتهم ومحل نظرتهم.
وارحم والدينا اجمعين وموتانا وموتى المسلمين
أبي الفتيان
غــرام أبي الفتيان في القلب راسخ *^* فغير مديـح القطـب ما أنا ناسـخ
ففي مدحه نفــع عظيم لمـــادح *^* ومستمـع للقول بالحـب شــارخ
فكــم من كرامات له قد تتابعــت *^* رواها بحــق للأنــام المشـايخ
فمـن بعضها ما صـح في المقل أنه *^* لكـل أسير في المهــالك صارخ
ومنها امتثال الأرض قـد قضـى به *^* على بنـت بري والمبــرز صائغ
ومنها ظهور الدود في شربة له *^* إذا اغتاظ من شخص عـن الحق سانخ
ومنها اضطـراب للهـلال بقبة *^* كما اضربت من فــوق غصن شمارخ
ومنها اعتراف المادحين لذاته *^* بعجــز ومن يبغــى لحصــر فدائح
وإن ذكـرت أوصافه مع غيرها *^* فذاكــر وصـف الغير إذ ذاك دايـخ
وإن قطـب الغوث أحمد فرع من *^* به نــارت الأرجاء والكـون سالخ
محمد المخــتار من آل هاشم *^* ومن قــدره فوق العـلا متمــادخ
عليه صلاة الله عــد عوالم *^* لديها من التســليم قـــلت نوافـخ
وآل وأصحــاب كرام أعـزة *^* هواهـم بقلبي والمفاصــل راسـخ
يا سائلـــي عن سيـــدي أنعم به " مدد يا با يا بدوي "
يا سائلـــي عن سيـــدي أنعم به*** من فخــره شهـــــدت به الثقلان
من مثلهِ تسعَـــــى الوفود لحيه *** كالحــــج أو كالبيت في الطوفان
جبٌر لكســــر العاجزين وضيفه *** يَلقَى القِرى من فضلــــه الهتَّـان
و يمد باعا في الوجود بجــوده *** فالبحر يفنـــــى دون ظــل بنــان
والفتـح والإقبـــــــال من بركاته **** ونطـــاقه طعـــــن العدا بسنان
ويغيث ملهــــوفا بنيل مـــــراده **** ويقـــول أهلا لـلــــــذي ناداني
إن تدعه صدقا أجاب بعـــــزمه **** عَلم الفــــــتوة نجـدة الشجعان
ظلٌ لكــــــل الأولياء وسِــــــره **** جَلـَب الأسير ومرشــد الحيران
يا حائر الأفكار في بسط العطا *** لذ بالذي يُعطـــي بلا حسبــــــان
فربيعنا هذا ودوحـــة مجـــدنا *** كنز العوارف صاحــــب الديوان
يا سيداً من سيداٍ من ســـيداٍ *** إني في وجهـــــــك قدوة العـُربان
فأدرك عبيدا قد علاه تباعده *** وتطـــــاوُل الأوغاد والإحـــــزان
وامنن علي بنظرة وبشــربة *** من جذب قــــربك غذِّني بمعاني
إن كنت لا تنظر إلي فهيـــأن *** قوما تمـــــد إليهــــم العيــــنان
حاشاكمو لا تتركون نزيلكم **** لموائـــــــد تأتي من الخلجـــان
إني اتخذتك في الشدائد عُدةً *** ولك الرعـــاية راحة الولـــهان
ولقد كفاني إنني لك منتمـــي *** أم إنني من جملــــة الضيفـان
ام انني عمري يتيما عندكم *** لا يُتـــــــم لي فلانتمـــو الأبوان
ما القصد مدحي للجناب بهذه *** بل مدحُها عن معدن الشُكران
وبحق عبد العال قبلة سيدي*** ذخــــر العواجــز وارث السلطان
يا صاحب الشورى بحق مجاهد *** أرجو انتظامي عندكم بصيان
حُـــــب النبي وآله حـــــق على **** كـــــل الأنام بشاهـد الفرقان
قومٌ اذا المكروب يمــــــم حيهم **** بدؤوه بالمقصود والإحسان
فاقــض المطالب يا كريم بسرهم *** واشرحــن بالإسلام والإيمان
وأعوذ بالله العلــــي من الهــوى*** ومن النفوس ونزغه الشيطان
ومن الدناءة والنميمة والحسد ** ومن الغـــرور وصنعة الخسران
ومن الفضيحة والقطيعة والكدر**** ومن الممـــــات بسئ وهَوان
واشفي جميعي من سقامي وعلتي ** واجعــــل قواي دائمـا بأمان
وأزح شهود الغير عن قلبي بلا *** ميل عن الهــــادي ولا حِرمان
حسِّن ظنــــوني يا حكيم وقابلــن *** هفواتنا بالعفــــو والغفـــران
واروِِ الجوارح من دوام متابكـــم *** حقــــق مراقبتي لكم أزماني
وارم الأعادي والحســـود ببغيّهم *** ولا يهدمون بكــيدهم بنياني
افرغ علينا الصبر عند قضائكــم *** كي لا يكــــون العبد ذا كفران
وامدد جميعي من لطائف رزقكــم *** واقصر توكلنا علــــى المنان
واجعل من التوفيق زادِ وبهجتـــي *** ومن العلـــوم ورقة العرفان
رطب لساني والجنــــــان بذكركم *** كحِّل عيوني بالجَّــــلا الرباني
وانف الموانع عن طريق وصالكم *** واغمـــرنِ بالتوحيد والإيقان
وأقمن عبدا في العوالم شاكــرا *** وطِّن لسري في الملا الصمداني
وأسبل علينا الستر وامنح جمعنا **** بهـــداية وكــــرامة الأوطان
وكفـــــاية وحمــــاية و وقـــــاية **** ورعـــاية والروح والريحان
واختم لنا ربي بحســــن سعــــادة **** سلِّمنا يوم الفصل والرََّجَفان
ثم الصـــــلاة مع الســــلام على **** النبي وصحابة مع آله الأعيان
ما ناحت الورقــــــاء حين تَذكِــــّر **** أو رحّب الكُرماء بالضيفان
أو قال ذو التقصير عند ســؤالهِ **** يا رب يا ذا الجـود والإحسان
Post a Comment