بناء ‏القباب ‏على ‏القبور

دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت عائشة (رضي الله عنها) بوصية منه (صلى الله عليه وآله وسلم)

المقصود بقوله: “بوصية منه” هو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): “ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض” وسيأتي تخريجه ص76.

 وهو بيت مسقوف، ثم دفن معه أبو بكر ثم عمر ولم ينزع الصحابة السقف ولا عللوا بقاءه بخصوصية أو حكم مميز لانتفاء الخصوصية والامتياز بدفن أبي بكر وعمر معه والقبة نوع من السقوف القوية التي لا تتأثر من قريب بعوامل الجو من نحو العواصف والأمطار واختلاف درجات الحرارة وغير ذلك حتى لقد كانت تبنى الخنادق اتقاء الغارات الجوية على صورة القباب لمقاومتها للظروف المختلفة وطول احتمالها.

ثم إنه لم يرد النهي عن القباب بالنص مع العلم بوجودها ومعرفتها هنا وهناك في عهد النبوة ولم يرد اسمها منصوصا في حديث يرفض أو يعتمد فتخصيصها بالتحريم مع إغفال ذكرها في الحديث وهي معروفة مشهودة نوع من التحكيم وعصبية من الهوى المتبع وعقدة نفسية مؤذية.

2- بنى الأمويون القبة على الصخرة المباركة بالشام والدنيا غاصة ببقية الصحابة والتابعين والفقهاء والعلماء من أهل الورع القدوة ولم يصل إلينا خبر واحد عن رجل واحد أنكر بناء القبة على الصخرة فلو كانت القباب ممنوعة لما حدث ذلك، ولما رضي السلف الصالح بإقامة هذا البناء.

3- على قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبة جددت غير مرة ولم يؤثر عن أحد من السلف الصالح أنه أنكر بناء هذه القبة أو رأى بدعيتها أو شركيتها فيما عدا أئمة الدعوة الوهابية في عصرهم المتأخر للأسباب العصبية والسياسية المعروفة

 قد يقول صاحب جدال وسفسطة: إن القبة بنيت في عصر متأخر، قلنا: فقد دفن (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت مسقوف والقبة سقف ثم إن الله تعالى قد ضمن لهذه الأمة أن لا تجتمع على ضلالة كما أخبر المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم ير في الأمة خارجا أو مخالفا أو منازعا في أمر بناء القبة ولا عبرة أبدا ببعض وهابية عصرنا كصاحب رسالة “حول القبة المبنية على قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)” والذي قدمه لكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ويدعو فيه صراحة لإزالة القبة ولم يأت بدليل دعواه وكذلك لا عبرة بما ردده صاحب “أحكام الجنائز وبدعها” و”تحذير الساجد” و”حجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)” عن إخراج القبر الشريف من المسجد واعتباره إبقاء قبره الشريف في مسجده من ضمن بدع المدينة المنورة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

4- بما أن القبة نوع من السقف له مميزات الاحتمال والاستمرار وليس لها في الأصل أي معنى من القدسية والتعظيم المدعى فقد أصبحت تبنى في كل بقاع الأرض على صالات التمثيل وقاعات التجمع ودور اللهو العام وأصبحت تبنى لمجرد الزينة كما هي في أبنية مصر وغيرها ولا يوشك أن يبنى الآن بناء عام إلا كانت القبة جزءا فيه. لمجرد التجميل أو الانتفاع بقوتها وبأوضاعها الهندسية، كما في أبنية البرلمانات العالمية والصالات بالقباب ولا تقديس لها ولم يعبدها أحد.

وقد رأينا قبة “محمد بن إسماعيل” خلف المسجد النبوي وقد أعيد بناءها في الأيام الأخيرة وقبة مسجد المطار بجدة وغيره ولم يصبح بذلك بأس عند الوهابية وهم أصحاب فكرة هدم القباب!! ففكرة التقديس التي يعتمد عليها المانعون لا وجود لها على الاطلاق إلا في أذهانهم وتحت ضغط تعصبهم الذي جعلها عقدة نفسية مزمة موروثة تتجدد معها الأزمات الذاتية القاتلة غلا وحقدا على من يخالفهم من الناس.

ليست هناك تعليقات